يوسف إدريس واحد من أهم الأصوات في الأدب العربي الحديث.
لم يكن كاتب حكايات تقليدية، بل كاشفاً لما تحت سطح الواقع.
الرمزية في رواياته لم تكن ترفاً فنياً، بل أداة لفهم المجتمع المصري بكل تناقضاته.
الرمزية كوسيلة للتمرد
يوسف إدريس استخدم الرمز ليقول ما لا يمكن قوله مباشرة.
كتب في فترات كانت الرقابة تضيق فيها على الأدب.
فاختار أن يجعل من القصة مرآة رمزية تعكس القهر الاجتماعي والسياسي.
في روايته “الحرام” مثلاً، تتحول قصة الفلاحة التي تقع ضحية الفقر والظلم إلى رمز للوطن المنتهك.
المرأة ليست مجرد شخصية، بل تمثل الشعب الذي يُستغل ثم يُدان.
الإنسان كرمز للواقع
إدريس لم يستخدم الرمزية بشكل تجريدي.
كان يربطها بالإنسان البسيط.
في “النداهة”، الرمز يتجسد في صوت غامض يدعو الناس للضياع.
النداهة هنا ليست خرافة، بل رمز لإغراءات الحياة الحديثة التي تبتلع الإنسان وتفصله عن جذوره.
هذا الرمز الشعبي البسيط حمل معنى وجودياً عميقاً عن ضياع الهوية في زمن التغير.
الجسد كرمز للتحرر
يوسف إدريس كان طبيباً يعرف الجسد بعمق.
في نصوصه يتحول الجسد إلى رمز للمقاومة والتحرر.
في قصة بيت من لحم، الجسد النسائي يصبح أداة للتمرد على السلطة الأبوية والدينية.
الرمزية هنا جريئة لكنها إنسانية، تكشف رغبة الإنسان في كسر القيود.
الفلاح والعامل كرموز للهوية
في أعمال مثل أرخص ليالي والعيب، يصبح الفلاح والعامل رمزين للهوية المصرية الأصيلة.
إدريس استخدم شخصياتهم ليعبّر عن القهر الطبقي والبحث عن الكرامة.
الرمز في هذه الأعمال ليس لغزاً، بل صرخة فنية ضد الظلم الاجتماعي.
الرمزية الواقعية
يوسف إدريس جمع بين الواقعية والرمزية في أسلوب واحد.
كان يزرع الرموز داخل المواقف اليومية بحيث لا تبدو مصطنعة.
الشارع، القرية، المستشفى، السجن، كلها تحولت إلى رموز لوطن يعيش الانقسام.
الرمزية عند إدريس ليست زخرفة، بل أداة للتفكير والتعبير.
من خلالها كشف ما عجزت الصحافة والسياسة عن قوله.
ترك وراءه أدباً يجعل القارئ يرى المعنى خلف التفاصيل، والحقيقة خلف الحكاية.
سؤال لك
هل يمكن للأدب أن يغيّر الواقع إذا اكتفى بالرمز؟
مصادر
- يوسف إدريس، الحرام، النداهة، أرخص ليالي، بيت من لحم، العيب
- دراسة د. جابر عصفور، الرمز في القصة العربية الحديثة
- مجلة فصول، عدد خاص عن يوسف إدريس (الهيئة المصرية العامة للكتاب)
- حلمي بدير، الرمز والمجتمع في أدب يوسف إدريس
